الأحد، 3 مايو 2015

هياط ملتقيات المتحدثين


كنت في وقت سابق ضد ملتقيات المتحدثين تيديكس وماشابهها، وبنيت حكمي هذا على ماكنت أشاهده من تجارب في اليوتيوب لشباب من ذكور وإناث من جنسيات عربية، ولأني مؤمنة بتجديد القناعات والأراء دائما أحببت حضور ملتقى من ملتقيات المتحدثين متى ماسنحت لي الفرصة، فلربما يتغيّر رأيي حولها وبعد مشاهدتها على أرض الواقع .

حضرت ملتقى تيديكس الذي تقيمه الجامعة  لتعرض مجموعة من النساء تجاربهن وأغلبهن كانت أعمارهن من العشرين ومافوق، لا أقول بأنه بالغ السوء فالمتحدثات الجيدات المتمكنات لم تكن سوى إمرأتين، إمرأة تتكلم من منطلق تخصصها في مرحلة الماجستير وهذه متحدثة رائعة وفكرتها التي أرادت إيصالها رائعة أيضا، وأما الأخرى فكانت دكتورة جامعية شرحت فكرتها كما وكأنها في قاعة محاضرة لتقديم مقررات دراسية لا لتقديم فكرة !

وأما البقية لم تكن سوى تجارب شخصية و إن وُجد الإنجاز فهو ليس ببالغ الغرابة والأثر و قد شاركهم الآخرين في تحقيقه !

أشعر أن مثل هذه الملتقيات ليست إلا لتحقيق أمجاد شخصية حيث أنها لا تقدم الفائدة الفعلية للمستمع والحاضر.
 كما وأن هذه الملتقيات لدينا تخضع لقوانين المفروض ألا تُوضع.

والمضحك أن ملتقيات تيديكس المعروفة دائما باختلاط الجنسين قد فُصلت في ملتقى الجامعة وهذا أيضا من تغييب دور المرأة وحصر دورها في مجتمعها فقط وحدوده !

مفاهمينا مع هذا التطور الهائل لم تنضج بعد ولذلك فإن مفاهمينا عن معنى الإنجاز الحقيقي والنجاح غير ناضجة فنرى الشباب من ذكورهم وإناثهم يشعرون بأن كل الأعمال التي يقومون بها لا بد من ذكرها للناس أجمع ولو كان ( صنع الكب كيك، أو الفوز بمسابقة )

و كذلك مفاهيمنا عن تقديم فكرة أو شرح قناعة لإقناع الجمهور لا زالت تخضع لقوانين وُضعت لنا طوعا، فمن الطبيعي جدا أن تكون السطحية هي الغالبة في مثل هذه الملتقيات !
ولا غرابة إن شاهدنا التعجب والإعجاب بالتجارب التي تُحكى في أعين الفتيات الصغيرات، والملتقى الذي ولابد أن يكون وسيلة لتذليل العقبات أمام الصغيرات صار يزيدها !
فتتحدث إحداهن عن تجربتها في السفر لوحدها أو عن تجربتها في الدراسة خارج المملكة أو عن مشاريعها التجارية و إحداهن على المقعد تندب حظها 'المنيّل' فلا يُسمح لها إلا بالخروج من المنزل للجامعة ومن الجامعة للمنزل!

يغلب على هذه الملتقيات التحدث بنفس العبارات، بنفس الكلمات، ونفس المضمون وإن تغيّر المعنى.

حين أشاهد هذه الملتقيات دائما ما أتذكر راندي باوش في المحاضرة الأخيرة التي ألقاها بعد طلب منه في جامعة كارنيجي ميلون في عام ٢٠٠٧ وتوفي في عام ٢٠٠٨، ذكر راندي باوش تردده في إلقاء المحاضرة هل تستحق أن تُلقى ويستمع لها الناس ؟
أم أن يقضي ماتبقى من أيامه الأخيرة - بسبب مرضه - مع زوجته وأطفاله!

الجميع يريد أن يصعد على خشبة المسرح، وسيأتي اليوم الذي لا نرى فيه الجمهور !