الثلاثاء، 2 يونيو 2015

سارة إبراهيم وظاهرة العقل الجمعي.

-جمهور في قاعة كبيرة, يسمعون لمتحدث ما, بعد الانتهاء كان التصفيق له عادي جدا, جاء بعده المتحدث الآخر صفق الجميع له بحرارة, وقف البعض كنوع من التقدير للمتحدث فتبعهم من رأوهم حتى وقف من بالقاعة بأكملها!

 -وسم (هاشتاق) عدد المشاركات فيه كانت قليلة كنت تراه ولا ترغب بكتابة تغريدة, بدأ الوسم بالانتشار, شارك فيه أغلب من تتابعهم فكتبت أنت فيما بعد تغريدة فيه وشاركت.

-شخص ما كتب تغريدة ما قبل عامين, أراد البعض الاصطياد في الماء العكرة نتيجة عداوة سابقة معه, صوروا التغريدات ونشروها, نقدوه وهاجموه, فُصل الشخص من عمله واعتقل.

-زمن الغفوة (الصحوة في عدة روايات) الذي مر على المملكة العربية السعودية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي قطع الناس صورهم وانتشرت العديد من الظواهر السلبية التي لا زال أثرها حتى الآن.

-في الشارع وأنت في الزحام أحدهم يضغط منبه السيارة فيتبعه الآخر, والآخر يتبع الآخر حتى يضغط الغالبية منبهات سياراتهم.


كل ما كُتب أعلاه يقودنا لتساؤل, لِما كل هذا؟
نجد أن الأمر يقودنا لِما يُعرف بالعقل الجمعي وهي ظاهرة نفسية ترى أن ما يفعله الجماعة من سلوكيات وما ينهجونه دينيا واجتماعيا وسياسيا هو الصحيح .

من صور العقل الجمعي التي حصلت مؤخرا في تويتر معرّف ( سارة إبراهيم ) الفتاة التي ادعت أنها مصابة بمرض السرطان وانتحلت شخصية فتاة غير عربية, الجميع قد تعاطف معها نتيجة أن أحد المشاهير في صفحته الشخصية أعلن عن حسابها, فبدأ الغالبية العظمى بمتابعتها وحين هاجمت أحد المغردات سارة إبراهيم, الغالبية العظمى هاجمت المغردة.

وسائل التواصل الاجتماعي ما هي إلا صورة افتراضية تعكس الجزء الصغير من صورة المجتمع الواقعية.

فعلى أرض الواقع العقل الجمعي نشاهده بكثرة وقد ننخرط نحن في مثل هذه الجماعات, ربما دون إدراك منّا.
فعادات وتقاليد المجتمع تندرج من ضمن ظاهرة العقل الجمعي, الموروثات الدينية كذلك, العادات اليومية, الأمثال الشعبية التي تسببت في تكوين العقل الجمعي على المدى البعيد وقد تكون قد تسببت بالأثر السلبي في تكوين المفاهيم والتصورات الخاطئة إما عن المرأة, أو عن الزواج, أو التربية وغيرها.
ولذلك مثل هذه التصرفات البسيطة التي قد نستهين بها هي السبب في تكوين العقل الجمعي وتأثيره على المجتمعات.

ولعل من أبرز ما يمكن أن يؤثر في تكوين العقل الجمعي حين يكون الشخص ذا سُلطة, وأعني السلطة بجميع أنواعها, سواء سلطة دينية, أو اجتماعية, أو سياسية, أو مالية.
فمادام الشخص يملك السلطة بإمكانه أن يملك الفرد –غير الواعي- 
.
التساؤل الآخر, هل يعني هذا أن العقل الجمعي سيء بالمطلق؟
لا, فعلى سبيل المثال لا الحصر قوانين أي دولة مادامت تصب في مصلحة المجتمع والفرد تُعتبر من ظواهر العقل الجمعي الإيجابية.

ويكون العقل الجمعي سيء بالمطلق حين يُصاب بالجمود والشلل خصوصا في كل ماهو جديد ويصب في مصلحة الفرد و الجماعة.
وبطبيعة النفس البشرية لا تحب أن تكون خارج الجماعة منبوذة, فحتى نقرر وندرك فائدة العقل الجمعي من عدمه لا بد أولا أن نكون على قدر كافٍ من المعرفة, وثانيا ألا تؤثر في قراراتنا بشكل قد يضرنا.
لذا حاول ألا يكن العقل الجمعي السبب في تعطيل عقلك.

تحياتي:
روان