الاثنين، 15 ديسمبر 2014

مجتمعنا وعفنه الأخلاقي !

ما إن ظهر الشيخ أحمد الغامدي والذي عُرف بفتواه بإباحة كشف وجه المرأة على شاشة قناة أم بي سي و كانت برفقته زوجته جواهر كاشفة الوجه حتى انقسم الشعب بأكمله إلى مؤيد ومعارض للموضوع !
فأما المؤيد يرد على المعارض والمعارض يرد على المؤيد، وأحيانا يصل الموضوع إلى الشتمِ والقذف الذي حُرم بنص واضح من القرآن الكريم وفي السنة . 

مسألة غطاء الوجه أو كشفه مسألة فيها اختلافات فقهية واسعة على مر العصور فمن الفقهاء من رأى بإباحة كشف الوجه استنادا على نصوص من القرآن والسنة، ومنهم من رأى بإباحة غطاء الوجه أيضا استنادا على القرآن والسنة، وجميعنا يعلم بأننا نعلم بمسألة الخلافات الفقهية في هذه المسائل.
بل والخلاف الفقهي ليس حديث عهد بالناس، فالأنبياء أنفسهم حصل بينهم الخلاف الفقهي
كما في قصة داوود وسليمان-عليهما السلام- في حرث الغنم فقد قال الله تعالى : 
( وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ *فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) 

 الشيخ أحمد الغامدي لم يأتِ بجديد هو فقط كانت لديه الجرأة بفتح هذه الأوراق وإزالة الغبار عنها، وتكسير هذا الجمود الفقهي في مجتمعنا وترك الحرية لزوجته جواهر بأن تظهر أو لا تظهر على شاشة التلفاز حتى يُخرِس الألسن التي كانت تدعي بجُبنه في عدم إظهار زوجته وأهل بيته بل ووصلت الوقاحة ببعضهم أن يذهب إلى باب بيته ليقول له ( أرنا زوجتك ) ، وهذا يقودنا إلى الثقافة المجتمعية التي ترى المرأة بأنها سلعة يعرضونها ويخفونها حسبما أرادوا وكأن المرأة لا عقل لها وقرارها يجب أن يتخذه من ينوب عنها .

رغم أني في بداية الأمر كنت معترضة على جعل النساء مقياس لصدق الرجال إلا بعد أن صرح الشيخ الغامدي ود. بدرية البشر بأن القرار كان بيد الزوجة أولا وأخيرا.
موقف الشيخ أحمد الغامدي وزوجته لا ينكر عاقل بشجاعتهما في مواجهة المجتمع الذي يرفض التعددية في كل شيء .

والغريب حقا بأن مسألة مثل غطاء الوجه أو كشفه وهي مسألة خاصة بالنساء أن يتحدث ويفني الساعات في مناقشتها ( الذكور ) !
أليست مثل هذه المواضيع من ( سوالف الحريم ) فلِما يناقشونها ؟
وكأن وجوه النساء حق مباح في التحكم بشأنه! 
والأعجب من هذا كله بأن القذف الذي جاء بنص صريح في القران و اتفق الفقهاء بحرمته لم يسلم منه الشيخ وكل من أيده!
فظهر العفن الأخلاقي لمجتمعنا وفاحت رائحته لدى العيان.

لا بد أن نعترف بأن الدين في مجتمعنا عادة ليس إلّا، ولا يعترفون به ولا يثورون من أجله إلا إذا تعلّق الأمر بإمرأة وليست أي إمرأة بل ( المرأة السعودية) فقط ، فبمجرد رؤيتهم لإمرأة غير سعودية كاشفة الوجه ومتحجبة حتى تبدأ المدائح تجاهها والدعاء بتثبيتها.
الدين لدينا ليس إلا ثالوث عبارة عن ( عادة - جنس - وجنسية )
وهذا من المؤسف فعلا، فالأجدر بنا الدعاء للشيخ الغامدي إن كان على حق ندعو الله تثبيته وإن كان على خطأ فندعو الله تبصرته!

ودعائي لمجتمعنا أن يبصر الله قلبه وعقله.

تحياتي: 
روان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق