الخميس، 12 مارس 2015

كتبي كلها لا تمثلني

تشهد الرياض هذه الأيام المحفل الثقافي السنوي في أغلب بلدان العالم وهو معرض الكتاب.

يزخر المعرض بالكثير الكثير من الكتب، الجيد منها والرديء.
كما يشهد أيضا معرض الكتاب هذه السنة الكثير من الأسماء الشابة التي دخلت لساحة الكتابة.

في يوم الخميس ١٢ مارس و أثناء مشاهدتي لبعض اللقاءات التي تجريها القناة السعودية الثقافية من داخل المعرض مع بعض الزوار والكتّاب لفت نظري أحد الكاتبات والتي يتضح أنها صغيرة في السن لم تتجاوز العشرينات من عمرها وربما تجاوزته لكن الأكيد أنها قليلة تجربة في مضمار الحياة وهذا يتضح في طريقة إجابتها عن أسئلة اللقاء !

يسألها المذيع عن كتابها ومنذ متى بدأت الكتابة وتلك الاسئلة الروتينية التي تُوّجه عادة للكتّاب للترويج عن كتابهم لا الإستفادة من تجربتهم أو حوارات تثري الفِكر وتنفع المشاهد . 
 
وجه المذيع للكاتبة سؤال حول كتاباتها ومن تقصد بنصوصها ؟
قالت أنها كانت قصة واقعية لإحدى صديقاتها فأوحت لها تجربتها بكتابة العديد من النصوص الشعرية .
ثم حاول المذيع أيضا إعادة مضمون السؤال بصياغة أخرى فقالت بالحرف الواحد:
( كتبي كلها لا تمثلني )

دُهشت !
إذا كان الكاتب كتبه لا تمثله، تمثل من إذا ؟
الجني الأزرق ؟ - بالمناسبة الجني لا لون له - . 

وإذا كان الكاتب ينقل معاناة مجتمعه فهل هذا يعني أن يلغي ذاتيته من كتاباته ونصوصه؟ 

بحثت عن اسم الكاتبة في محرك البحث GOOGLE ، والصدمة الأكبر أنها لم تكن كتاباتها إلا عبارة عن ( صف حكي ) و ( سلق بيض ) .

بغض النظر عن كل ماكتبت .
فإن المرأة العربية في الغالب لا تستطيع التعبير عن مشاعرها إلا بالتدوين والكتابة نتيجة القيود التي فُرضت عليها فإذا ماسُألت هل ماتكتبينه يعبر عنك ؟ أو عن تجربة واقعية حصلت لك؟
فتجيب بخوف : لا، وتبدأ بتبرير مشاعرها.
مقابل أن الرجل الذي يكتب الأشعار والنصوص الغرامية إذا وُجه له السؤال هل عشت ماتكتبه؟ أجاب بذكر كل بطولاته الغرامية بكل اعتزاز ! 

بالمقارنة مع حال الشاعرات سابقا والمستشعرات الآن ، فالشاعرات في الماضِ كانت الواحدة تصرّح عن مشاعرها دون خجل، فمثلا ولادة بنت المستكفي شاعرة العصر الأندلسي كانت تصرح بحبها لابن زيدون في قصائدها وابن زيدون بادلها الحب بالحب فنُقل لنا أعذب الشعر .

لا عيب في المشاعر، ونكران المشاعر يعني أن ينكر الشخص ذاته.
ورغم ذلك لا أقصد أن يبتذل الشخص مشاعره فيصرّح عنها بكل جرأة وبكل مكان ، فجوهر المشاعر يكمن في إظهارها بشكل يليق بها .

الكتابة لا تحتاج لهذا الخجل والخوف، الكاتب فعلا من يصرّح عن مشاعره بكل جرأة في نصوصه وقناعاته وكل مايفكر به في حدود هو يضعها لنفسه لا من حوله.

أتفهم جدا أننا في مجتمعات لا ترحم المرأة الجريئة وتعتبرها خارجة عن المألوف والدين والعادات والتقاليد وكل تلك القيود التي فُرضت عليها لكني لا أستطيع تقبّل فكرة أن تجعل المرأة نفسها كآلة لا تشعر ولا تحس وتبرر مشاعرها وكأنها اقترفت ذنب . 

تحياتي:
روان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق