الأربعاء، 13 أغسطس 2014

المُبتلى الحقيقي


الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير من خلقه.

 قبل البدء لا بد أن أشير أن الحديث الذي ورد في هذا القول وهو (من رأى مصابا فقال: الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير من خلقه تفضيلا, لم يصبه ذلك البلاء) فهو من أنواع الحديث الحسن لغيره يعني أنه من الأحاديث الضعيفة رغم ورود صياغات أخرى متعددة له, وبإمكان القارئ البحث والتأكد.

هذا الدعاء دائما مايتردد على مسامعنا بطريقة ليس المراد منها فعلا  أن القائل يحمد الله على نعمه بل الانتقاص من الآخر والاستخفاف به نتيجة أفعاله, وربما نتيجة مذهبه أو دينه أو مرض أصابه وربما قناعاته.
والمصيبة لو قيلت في وجهه وكأن الرسالة المبطنة من هذا الدعاء ( أنا أفضل منك, أنا أعلى منك درجة ) مما قد يترك صورة سيئة عمن قاله.

الناس لاتحتاج أن تبيّن لها أنك أفضل منها دينا وخُلقا.
تصرفات الناس لم تأتِ من عبث, لكل تصرفاتهم دوافع, تقبلهم رغم اختلافهم عنك.
 قد ترى بعض التصرفات وتراها من البلاء الذي أصاب الإنسان لكنه يراه من الأمور الطبيعية الروتينية التي يفعلها في حياته كالتدخين مثلًا .
أو كأن تقابل من دينهم غير دينك, سواء من المسيحين أو الهندوس أو غيرهم فتحمد الله أنك على نعمة الإسلام,
وكأنهم أقل منك درجات !

كيف ستصاحب الناس وأنت تراهم بأنهم مبتلون و بأنك أفضل منهم وتبدأ بالتدريج تنسلخ من إنسانيتك التي هي وحدها تجعلك أنت والآخرين بنفس الدرجة مهما عظمت سوءاتهم .
أن تكون إنسان يعني أن ترى نفسك مع العالم أجمع في طبقة واحدة تتقبل الآخر مهما اختلف عنك.
بلا إنسانية ستصبح أنت المبتلى الحقيقي.

تحياتي:
روان


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق